الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: بيان مشكل الآثار **
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي حَشِيشِ مَكَّةَ وَفِيمَا سِوَاهُ مِمَّا حَرَّمَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَصْدِهِ, وَفِي إعْلاَفِهِ الإِبِلَ وَغَيْرَهَا فَقَالُوا: فِيهِ ثَلاَثَةُ أَقْوَالٍ نَحْنُ ذَاكِرُوهَا فِي هَذَا الْبَابِ إنْ شَاءَ اللَّهُ, لاَ قَوْلَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ سِوَاهَا كَمَا حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِيدِ الأَسْلَمِيُّ قَالَ: أَنَا بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا يُوسُفَ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا حَنِيفَةَ عَنْ حَشِيشِ الْحَرَمِ فَقَالَ لاَ يُرْعَى وَلاَ يُحْتَشُّ وَسَأَلْتُ ابْنَ أَبِي لَيْلَى فَقَالَ لاَ بَأْسَ أَنْ يُرْعَى وَأَنْ يُحْتَشَّ وَسَأَلْتُ الْحَجَّاجَ بْنَ أَرْطَاةَ فَقَالَ سَأَلْتُ عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ عَنْهُ فَقَالَ لاَ بَأْسَ أَنْ يُرْعَى وَلاَ يُحْتَشَّ قَالَ أَبُو يُوسُفَ وَقَوْلُ عَطَاءٍ فِي هَذَا أَحَبُّ إلَيَّ وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ هَذَا الاِخْتِلاَفَ طَلَبْنَا الأَوْلَى مِمَّا قَالُوهُ فِي ذَلِكَ مَا هُوَ مِنْ أَقْوَالِهِمْ هَذِهِ. فَوَجَدْنَا صَالِحَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَنْصَارِيَّ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ (ح) وَحَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنَا: الْحَجَّاجُ بْنُ إبْرَاهِيمَ قَالاَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ: أَنَا حَجَّاجٌ وَعَبْدُ الْمَلِكِ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ أَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَأَى رَجُلاً يَقْطَعُ مِنْ شَجَرِ الْحَرَمِ وَيَعْلِفُهُ بَعِيرًا لَهُ قَالَ: فَقَالَ: عَلَيَّ بِالرَّجُلِ فَأُتِيَ بِهِ فَقَالَ يَا عَبْدَ اللهِ أَمَا عَلِمْت أَنَّ مَكَّةَ حَرَامٌ لاَ يُعْضَدُ عِضَاهُهَا وَلاَ يُنَفَّرُ صَيْدُهَا وَلاَ تَحِلُّ لُقَطَتُهَا إِلاَّ لِمُعَرِّفٍ؟ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَاَللَّهِ مَا حَمَلَنِي عَلَى ذَلِكَ إِلاَّ أَنَّ مَعِي نِضْوًا لِي فَخَشِيتُ أَنْ لاَ يُبَلِّغَنِي أَهْلِي وَمَا مَعِي زَادٌ وَلاَ نَفَقَةٌ فَرَقَّ عَلَيْهِ بَعْدَمَا هَمَّ بِهِ وَأَمَرَ لَهُ بِبَعِيرٍ مِنْ إبِلِ الصَّدَقَةِ مُوَقِّرًا صَحِيحًا فَأَعْطَاهُ إيَّاهُ وَقَالَ لاَ تَعُودَنَّ أَنْ تَقْطَعَ مِنْ شَجَرِ الْحَرَمِ شَيْئًا وَقَدْ رَوَيْنَا فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا الْبَابِ مَنْعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ اخْتِلاَءِ خَلاَ مَكَّةَ فَذَهَبَ قَوْمٌ إلَى أَنَّ الاِخْتِلاَءَ مَا أُخِذَ بِالْيَدِ دُونَ مَا سِوَاهُ مِنْ إعْلاَفِهِ الإِبِلَ عَلَى مَا قَدْ رَوَيْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ عَطَاءٍ وَعَلِيٍّ مَا ذَكَرْنَا عَنْ أَبِي يُوسُفَ مِنْ مُوَافَقَتِهِ عَلَيْهِ وَذَهَبَ آخَرُونَ إلَى أَنَّ ذَلِكَ مَمْنُوعٌ مِنْهُ لأَنَّ تِلْكَ الأَشْيَاءَ مُحَرَّمَةٌ فِي نَفْسِهَا, فَجَمِيعُ الأَفْعَالِ الَّتِي تُفْعَلُ فِيهَا مِنْ رَعْيٍ لَهَا, وَمِنْ اخْتِلاَءٍ لَهَا مَمْنُوعٌ مِنْهُ, كَمَا الصَّيْدُ الْمُحَرَّمُ فِي نَفْسِهِ حَرَامٌ فِيهِ الأَشْيَاءُ كُلُّهَا لِحُرْمَتِهِ فِي نَفْسِهِ, وَكَانَ هَذَا الْقَوْلُ عِنْدَنَا أَوْلَى هَذِهِ الأَقْوَالِ بِالْحَقِّ; لأَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه خَاطَبَ الرَّجُلَ الَّذِي رَآهُ يَرْعَى بَعِيرَهُ مِنْ شَجَرِ الْحَرَمِ بِمَا خَاطَبَهُ بِهِ فِي مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى حُرْمَةِ الرَّعْيِ فِيهِ كَمَا دَلَّ عَلَى حُرْمَةِ الاِخْتِلاَءِ مِنْهُ. وَقَدْ رَوَى قَوْمٌ حَدِيثًا فِي حُرْمَةِ الْمَدِينَةِ وَفِي الْمَنْعِ مِنْ الاِخْتِلاَءِ مِنْ خَلاَهَا وَفِي أَنْ لاَ يُقْطَعَ شَجَرُهَا إِلاَّ أَنْ يَعْلِفَ الرَّجُلُ بَعِيرَهُ فَاسْتَدَلُّوا بِذَلِكَ عَلَى مِثْلِهِ مِنْ شَجَرِ مَكَّةَ وَخَلاَهَا وَهُوَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد قَالَ حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي حَسَّانَ أَنَّ عَلِيًّا عليه السلام أَخْرَجَ الصَّحِيفَةَ الَّتِي سَمِعَهَا مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الَّتِي كَانَتْ فِي قِرَابِ سَيْفِهِ فَإِذَا فِيهَا أَنَّ إبْرَاهِيمَ صلى الله عليه وسلم حَرَّمَ مَكَّةَ وَإِنِّي حَرَّمْتُ الْمَدِينَةَ لاَ يُخْتَلَى خَلاَهَا وَلاَ يُنَفَّرُ صَيْدُهَا وَلاَ يُقْطَعُ شَجَرُهَا إِلاَّ أَنْ يَعْلِفَ رَجُلٌ بَعِيرَهُ فَاعْتَبَرْنَاهُ فَوَجَدْنَاهُ مُنْقَطِعَ الإِسْنَادِ وَذَلِكَ أَنَّ أَبَا حَسَّانَ لَمْ يَلْقَ عَلِيًّا رضي الله عنه, وَإِنَّمَا الَّذِي يُحَدِّثُهُ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ هُوَ مِمَّا أَخَذَهُ عَنْ عَبِيدَةُ السَّلْمَانِيِّ وَمِنْ مِثْلِهِ مِنْ أَصْحَابِهِ عَنْهُ وَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ كَانَ مَا رَوَيْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ مِمَّا يُخَالِفُهُ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه أَوْلَى مِنْهُ لاَ سِيَّمَا وَقَدْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ عُمَرَ رضي الله عنه بِحَضْرَةِ مَنْ سِوَاهُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يُنْكِرُوا ذَلِكَ عَلَيْهِ وَلَمْ يُخَالِفُوهُ فِيهِ. فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى مُتَابَعَتِهِمْ إيَّاهُ عَلَيْهِ وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ ثُمَّ وَجَدْنَا هَذَا الْحَدِيثَ مُتَّصِلَ الإِسْنَادِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَفْصِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنِي إبْرَاهِيمُ يَعْنِي ابْنَ طَهْمَانَ عَنْ الْحَجَّاجِ يَعْنِي ابْنَ الْحَجَّاجِ الأَحْوَلَ الْبَاهِلِيَّ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي حَسَّانَ الأَعْرَجِ عَنِ الأَشْتَرِ أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ ابْنِ أَبِي دَاوُد الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ هُدْبَةَ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَالْحَجَّاجُ هَذَا إمَامٌ فِي الْحَدِيثِ مَحْمُودُ الرِّوَايَةِ فَقَالَ قَائِلٌ: فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْحَدِيثُ مُتَّصِلَ الإِسْنَادِ, وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ أَبُو حَسَّانَ عَنِ الأَشْتَرِ, وَالأَشْتَرُ كَانَتْ وَفَاتُهُ فِي أَيَّامِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه, وَإِذَا انْتَفَى أَنْ يَكُونَ سَمِعَ مِنْ عَلِيٍّ كَانَ بِأَنْ يَكُونَ سَمِعَ مِنْ الأَشْتَرِ أَشَدَّ انْتِفَاءً. فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ أَبَا حَسَّانَ قَدْ ذَكَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنِ الأَشْتَرِ أَنَّهُ حَدَّثَهُ بِهِ فَحَقَّقَ بِذَلِكَ سَمَاعَهُ إيَّاهُ مِنْهُ وَجَازَ أَنْ يَكُونَ أَنَّ أَبَا حَسَّانَ رَأَى الأَشْتَرَ فِي حَيَاةِ عَلِيٍّ فَحَدَّثَهُ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ عَلِيٍّ وَلَمْ يَرَ عَلِيًّا أَوْ رَآهُ وَلَمْ يَسْمَعْهُ مِنْهُ,. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَكَانَ هَذَا الْحَدِيثُ بَعْدَ ثُبُوتِهِ لاَ يَجِبُ بِهِ فِي خَلَى مَكَّةَ مُسَاوَاتُهُ خَلَى الْمَدِينَةِ فِي هَذَا الْمَعْنَى; لأَنَّهُ قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ حُكْمُ كُلِّ وَاحِدٍ فِي هَذَا الْمَعْنَى خِلاَفَ حُكْمِ الآخَرِ كَمَا حُكْمُهَا مُخْتَلِفٌ فِي حِلِّ دُخُولِ حَرَمِ الْمَدِينَةِ بِلاَ إحْرَامٍ وَحُرْمَةِ دُخُولِ حَرَمِ مَكَّةَ إِلاَّ بِإِحْرَامٍ وَكَمَا حُكْمُهُمَا فِي قَتْلِ صَيْدِهِمَا مُخْتَلَفٌ; لأَنَّ مَنْ قَتَلَ صَيْدًا فِي حَرَمِ مَكَّةَ جَزَاهُ وَمَنْ قَتَلَ صَيْدًا فِي حَرَمِ الْمَدِينَةِ لَمْ يُجْزِهِ, وَإِذَا كَانَ حُكْمُ حَرَمِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مُخْتَلِفًا فِيمَا ذَكَرْنَا لَمْ يَكُنْ مُنْكَرًا أَنْ يَكُونَ مُخْتَلِفًا فِي إعْلاَفِ الإِبِلِ مِنْ شَجَرِهِمَا فَيَكُونُ حَرَامًا فِي شَجَرِ مَكَّةَ وَيَكُونُ حَلاَلاً فِي شَجَرِ حَرَمِ الْمَدِينَةِ وَاَللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ. حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ (ح) وَثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْتَ النَّاسَ يُضْرَبُونَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذَا اشْتَرَوْا طَعَامًا جِزَافًا أَنْ يَبِيعُوهُ حَتَّى يُؤْوُوهُ إلَى رِحَالِهِمْ. قَالَ: فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُبْتَاعِي الطَّعَامِ جُزَافًا أَنْ يَبِيعُوهُ حَتَّى يُؤْوُوهُ إلَى رِحَالِهِمْ وَكَانَ مَا حَوَّلُوهُ إلَيْهِ مِنْ الأَمَاكِنِ رِحَالاً لِلَّذِينَ حَوَّلُوهُ إلَيْهَا وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَاشِمٍ الْبَعْلَبَكُّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ, عَنْ الزُّهْرِيِّ, عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ أَصْحَابُ الطَّعَامِ يُضْرَبُونَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذَا اشْتَرَوْا الطَّعَامَ مُجَازَفَةً فَبَاعُوهُ قَبْلَ أَنْ يُؤْوُوهُ إلَى رِحَالِهِمْ. حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَاشِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيِّ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ فَاخْتَلَفَ إِسْحَاقُ وَأَحْمَدُ فِي الَّذِي حَدَّثَ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ هَاشِمٍ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْهُ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ مَنْ هُوَ كَمَا ذَكَرْنَا وَكَانَ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ كَمَعْنَى الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ نَجْدَةَ الْحَوْطِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ. وَ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي رَزِينٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيِّ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ قَالَ: فَكَانَ فِي إسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ خِلاَفُ مَا فِي أَسَانِيدِ مَا رَوَيْنَاهُ قَبْلَهُ مِمَّا يَرْجِعُ إلَى الأَوْزَاعِيِّ; لأَنَّ فِي هَذَا عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ حَمْزَةَ وَفِيمَا قَبْلَهُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ لاَ اخْتِلاَفَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالأَسَانِيدِ فِيهِ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ غَيْرُ الأَوْزَاعِيِّ عَنْ الزُّهْرِيِّ مِنْهُمْ مَعْمَرٌ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ وَعَلَى مَا قَدْ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ رِجَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْتُ النَّاسَ يُضْرَبُونَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إذَا ابْتَاعُوا الطَّعَامَ جِزَافًا أَنْ يَبِيعُوهُ حَتَّى يَحُوزُوهُ. وَعَلَى مَا قَدْ حَدَّثَنَا عُبَيْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ الزُّهْرِيِّ،قَالَ: أَخْبَرَنِي سَالِمٌ، عَنْ أَبِيهِ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ وَمِنْهُمْ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ كَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد الْحَرَّانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الزُّهْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ صَالِحٍ يَعْنِي ابْنَ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ سَالِمًا أَخْبَرَهُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ رَأَيْتُ النَّاسَ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: حَتَّى يُؤْوُوهُ إلَى رِحَالِهِمْ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ أَيْضًا عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ كَمَا حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى بْنُ مَنْصُورٍ الرَّازِيّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كُنَّا نَتَلَقَّى الرُّكْبَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَنَشْتَرِي مِنْهُمْ الطَّعَامَ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لاَ تَبِيعُوهُ حَتَّى تَسْتَوْفُوهُ وَتَنْقُلُوهُ. فَكَانَ هَذَا الْحَدِيثُ عِنْدَنَا غَيْرَ مُخَالِفٍ لِمَا رَوَيْنَاهُ قَبْلَهُ; لأَنَّ كُلَّ مَوْضِعٍ نُقِلَ إلَيْهِ فَهُوَ رَحْلٌ لِنَاقِلِهِ إلَيْهِ. وَكَمَا حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا نَتَلَقَّى الرُّكْبَانَ فَنَشْتَرِي مِنْهُمْ الطَّعَامَ جِزَافًا فَنَهَانَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَبِيعَهُ حَتَّى نُحَوِّلَهُ مِنْ مَكَانِهِ أَوْ نَنْقُلَهُ فَمَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ يَرْجِعُ إلَى مَعْنَى حَدِيثِ أَبِي أُمَيَّةَ. وَكَمَا حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْجِيزِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ غَالِبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَشْتَرُونَ الطَّعَامَ مِنْ الرُّكْبَانِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَيَبْعَثُ عَلَيْهِمْ مَنْ يَمْنَعُهُمْ أَنْ يَبِيعُوهُ حَيْثُ اشْتَرَوْهُ حَتَّى يَبْلُغُوهُ حَيْثُ يَبِيعُونَ الطَّعَامَ فَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ الْمَوَاضِعُ الَّتِي كَانُوا يُحَوِّلُونَهُ إلَيْهَا مَوَاطِنَ لِبَيْعِ الطَّعَامِ. وَكَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّكَنِ الْبَصْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَهْضَمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ نَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَبْعَثُ رِجَالاً يَمْنَعُونَ أَصْحَابَ الطَّعَامِ أَنْ يَبِيعُوهُ حَيْثُ يَشْتَرُونَهُ حَتَّى يَنْقُلُوهُ إلَى مَكَان آخَرَ. وَكَمَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَنْهَى أَنْ تُبَاعَ السِّلَعُ حَيْثُ تُشْتَرَى حَتَّى يَحُوزَهَا الَّذِي اشْتَرَاهَا إلَى رَحْلِهِ, وَإِنْ كَانَ لَيَبْعَثُ رِجَالاً فَيَضْرِبُونَنَا عَلَى ذَلِكَ قَالَ: فَكَانَ هَذَا الْحَدِيثُ مُوَافِقًا لِمَا رَوَاهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَلَيْهِ وَكَانَ الَّذِي خَالَفُوهُ فِي ذَلِكَ أَيُّوبُ وَعُبَيْدُ اللهِ وَعُمَرُ بْنُ نَافِعٍ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ, وَإِنْ كُنَّا لَمْ نَذْكُرْهُ فَإِنَّا سَنَذْكُرُهُ فِي آخِرِ هَذَا الْكَلاَمِ فَكَانَ هَذَا عِنْدَنَا أَوْلَى; لأَنَّ أَرْبَعَةً أَوْلَى بِالْحِفْظِ مِنْ اثْنَيْنِ فَأَمَّا حَدِيثُ مَالِكٍ فَإِنَّ يَزِيدَ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: كُنَّا فِي زَمَنِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَبْتَاعُ الطَّعَامَ فَيَبْعَثُ عَلَيْنَا مَنْ يَأْمُرُنَا بِانْتِقَالِهِ مِنْ الْمَكَانِ الَّذِي ابْتَعْنَاهُ فِيهِ إلَى مَكَان سِوَاهُ قَبْلَ أَنْ نَبِيعَهُ كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ ثُمَّ نَظَرْنَا هَلْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ خِلاَفُ هَذَا مِمَّا يَدْخُلُ فِي هَذَا الْبَابِ؟. فَوَجَدْنَا يُونُسَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ وَعُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَمَالِكٌ أَنَّ نَافِعًا حَدَّثَهُمْ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَنْ اشْتَرَى طَعَامًا فَلاَ يَبِيعُهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ. قَالَ فَكَانَ مَعْنَى حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ كَيْلَهُ إنْ كَانَ مَكِيلاً أَوْ وَزْنَهُ إنْ كَانَ مَوْزُونًا أَوْ عَدَدَهُ إنْ كَانَ مَعْدُودًا وَكَانَ فِي ذَلِكَ مُحَوِّلاً لَهُ مِنْ مَوْضِعٍ إلَى مَوْضِعٍ, فَكَانَ مِثْلُ ذَلِكَ مَا اشْتَرَاهُ جُزَافًا أُرِيدَ فِيهِ تَحْوِيلُهُ مِنْ مَوْضِعٍ إلَى مَوْضِعٍ حَتَّى يَحِلَّ بَيْعُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَوَجَدْنَا أَبَا أُمَيَّةَ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ ابْتَعْتُ زَيْتًا بِالسُّوقِ فَقَامَ إلَيَّ رَجُلٌ فَأَرْبَحَنِي حَتَّى رَضِيتُ فَلَمَّا أَخَذْتُ بِيَدِهِ لأَضْرِبَ عَلَيْهَا أَخَذَ بِذَرَاعِي رَجُلٌ مِنْ خَلْفِي وَأَمْسَكَ يَدِي فَالْتَفَتُّ فَإِذَا زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فَقَالَ: لاَ تَبِعْهُ حَتَّى تَحُوزَهُ إلَى بَيْتِك فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ ذَلِكَ. وَوَجَدْنَا ابْنَ أَبِي دَاوُد قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ الْوَهْبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: ابْتَعْتُ زَيْتًا بِالسُّوقِ فَلَمَّا اسْتَوْجَبْتُهُ لَقِيَنِي رَجُلٌ فَأَعْطَانِي بِهِ رِبْحًا حَسَنًا فَأَرَدْتُ أَنْ أَضْرِبَ عَلَى يَدِهِ فَأَخَذَ رَجُلٌ مِنْ خَلْفِي بِذِرَاعِي, فَالْتَفَتُّ إلَيْهِ فَإِذَا زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فَقَالَ لاَ تَبِعْهُ حَيْثُ ابْتَعْتُهُ حَتَّى تَحُوزَهُ إلَى رَحْلِكَ فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى أَنْ تُبَاعَ السِّلَعُ حَيْثُ تُبْتَاعُ حَتَّى يَحُوزَهَا التُّجَّارُ إلَى رِحَالِهِمْ. فَكَانَ جَرِيرٌ وَابْنُ إِسْحَاقَ قَدْ اخْتَلَفَا فِي لَفْظِ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ: أَحَدُهُمَا إلَى رَحْلِك وَقَالَ الآخَرُ إلَى بَيْتِك فَعَادَ ذَلِكَ إلَى مَعْنَى مَا رَوَيْنَاهُ قَبْلَهُ وَثَبَتَ بِتَصْحِيحِ هَذِهِ الآثَارِ أَنْ لاَ يُبَاعَ مَا اُبْتِيعَ مُجَازَفَةً حَتَّى يُحَوَّلَ مِنْ الْمَكَانِ الَّذِي اُبْتِيعَ فِيهِ إلَى مَكَان سِوَاهُ وَهَكَذَا كَانَ الشَّافِعِيُّ يَذْهَبُ إلَيْهِ فِي هَذَا الْمَعْنَى, وَفِيمَا ذَكَرْنَا مِنْ ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ مَا لاَ يَحْتَمِلُ النَّقْلَ مِنْ مَكَان إلَى مَكَان كَالآدُرِ وَالأَرْضِينَ يَجُوزُ بَيْعُهَا بَعْدَ ابْتِيَاعِهَا بِغَيْرِ قَبْضٍ لَهَا; لأَنَّهَا لاَ يَتَهَيَّأُ فِيهَا الْمَعْنَى الَّذِي تَهَيَّأَ فِي غَيْرِهَا مِنْ النَّقْلِ الَّذِي يَقُومُ مَقَامَ الْكَيْلِ فِيمَا يُكَالُ وَهَكَذَا كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يَذْهَبُ إلَيْهِ فِي بَيْعِ الآدُرِ وَالأَرْضِينَ الْمُبْتَاعَةِ قَبْلَ قَبْضِهَا مِمَّنْ بَاعَهَا وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ فَقَالَ قَائِلٌ: فَقَدْ رَوَيْتُمْ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهْيَهُ عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ حَتَّى يُسْتَوْفَى. وَرَوَيْتُمْ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَيْضًا نَهْيَهُ فِي ابْتِيَاعِ الْجُزَافِ مِنْ الطَّعَامِ أَنْ يُبَاعَ حَتَّى يُنْقَلَ إلَى مَكَان آخَرَ فَكَانَ فِي ذَلِكَ حُكْمُ بَيْعِ الطَّعَامِ الْمُشْتَرَى كَيْلاً وَحُكْمُ بَيْعِ الطَّعَامِ الْمُشْتَرَى جُزَافًا ثُمَّ رَوَيْتُمْ عَنْهُ فِيهِ أَيْضًا فِي حَدِيثِ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ عَنْهُ ابْتِيَاعَهُ زَيْتًا بِالسُّوقِ, وَأَنَّهُ أَرَادَ بَيْعَهُ لِمَا أُعْطِيَ بِهِ مِنْ الرِّبْحِ مَا أُعْطِيَهُ فَأَخَذَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ بِيَدِهِ مِنْ خَلْفِهِ فَنَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ, وَأَخْبَرَهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِمَا أَخْبَرَهُ بِهِ فِيهِ عَنْهُ فَمَا كَانَتْ حَاجَتُهُ فِي ذَلِكَ إلَى زَيْدٍ حَتَّى أَخَذَ ذَلِكَ عَنْهُ وَحَدَّثَ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّهُ قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ابْنُ عُمَرَ لَمْ يَكُنْ يَرَى الزَّيْتَ مِنْ الطَّعَامِ إذْ كَانَ حُكْمُهُ الاِئْتِدَامَ بِهِ لاَ الأَكْلَ لَهُ, وَكَانَ مَذْهَبُهُ حِلَّ بَيْعِ مَا اشْتَرَى قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ غَيْرِ الطَّعَامِ فَلَمْ يَرَ بَيْعَهُ لِذَلِكَ قَبْلَ قَبْضِهِ إيَّاهُ بَأْسًا حَتَّى حَدَّثَهُ زَيْدٌ بِمَا حَدَّثَهُ بِهِ فَعَلِمَ بِهِ أَنَّهُ كَالطَّعَامِ الْمَأْكُولِ الْمُشْتَرَى لاَ كَالأَشْيَاءِ الْمَبِيعَةِ سِوَى ذَلِكَ فَانْتَهَى إلَى مَا حَدَّثَهُ بِهِ زَيْدٌ فِيهِ وَامْتَنَعَ مِنْ بَيْعِهِ حَتَّى يَكُونَ مِنْهُ فِيهِ مَا حَدَّثَهُ زَيْدٌ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِهِ فِيهِ وَاَللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ. حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قُرَّةَ بْنِ أَبِي خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلاَمَةَ الأَزْدِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى قَالَ: أَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ حَدَّثَهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ أَنَّ رَجُلاً مِنْ بَنِي كِنَانَةَ يُدْعَى الْمُخْدَجِيُّ سَمِعَ رَجُلاً بِالشَّامِ يُدْعَى أَبَا مُحَمَّدٍ يَقُولُ إنَّ الْوِتْرَ وَاجِبٌ قَالَ الْمُخْدَجِيُّ فَرُحْتُ إلَى عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ فَاعْتَرَضْتُهُ وَهُوَ رَائِحٌ إلَى الْمَسْجِدِ فَأَخْبَرْتُهُ بِاَلَّذِي قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ فَقَالَ عُبَادَةُ كَذَبَ أَبُو مُحَمَّدٍ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللَّهُ عَلَى الْعِبَادِ فَمَنْ جَاءَ بِهِنَّ لَمْ يُضَيِّعْ مِنْهُنَّ شَيْئًا اسْتِخْفَافًا بِحَقِّهِنَّ كَانَ لَهُ عِنْدَ اللهِ عَهْدٌ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ وَمَنْ لَمْ يَأْتِ بِهِنَّ فَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ اللهِ عَهْدٌ إنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ أَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْمُطَّلِبِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ حَيَّانَ الأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ أَنَّ رَجُلاً مِنْ بَنِي كِنَانَةَ ثُمَّ مِنْ بَنِي مُخْدَجٍ لَقِيَ رَجُلاً مِنْ الأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ فَسَأَلَهُ عَنْ الْوِتْرِ فَقَالَ لَهُ: إنَّهُ وَاجِبٌ فَقَالَ الْكِنَانِيُّ: فَلَقِيتُ عُبَادَةَ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ يُونُسَ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ سَوَاءً. وَ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ عَنْ الْمُخْدَجِيُّ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ: الْوِتْرُ وَاجِبٌ كَوُجُوبِ الصَّلاَةِ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ فَقَالَ كَذَبَ أَبُو مُحَمَّدٍ وَلَكِنَّهُ سُنَّةٌ وَقَدْ فَعَلَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خَمْسَ صَلَوَاتٍ. ثُمَّ ذَكَرَ مَا فِي حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَلَمْ يَذْكُرْهُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَحَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الأَصْبَغِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى الْحَرَّانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ قَالَ: اخْتَلَفَ عَمِّي وَاسِعُ بْنُ حِبَّانَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُقْبَةَ بْنِ كُدَيْمٍ فِي الْوِتْرِ فَقَالَ عَمِّي سُنَّةٌ لاَ يَنْبَغِي تَرْكُهَا, وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: فَرِيضَةٌ كَفَرِيضَةِ الصَّلاَةِ فَلَقِيتُ ابْنَ مُحَيْرِيزٍ الْجُمَحِيَّ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ: أَخْبَرَنِي الْمُخْدَجِيُّ أَنَّهُ اخْتَلَفَ فِيهَا هُوَ وَرَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ يُقَالُ لَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَعُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ إذْ ذَاكَ بِطَبَرِيَّةَ فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ أَبَا الْوَلِيدِ إنِّي اخْتَلَفْتُ أَنَا وَأَبُو مُحَمَّدٍ فِي الْوِتْرِ فَقُلْتُ: سُنَّةٌ لاَ يَنْبَغِي تَرْكُهَا وَقَالَ: فَرِيضَةٌ كَفَرِيضَةِ الصَّلاَةِ وَكَانَ عُبَادَةُ رَجُلاً فِيهِ حِدَةٌ فَقَالَ: كَذَبَ أَبُو مُحَمَّدٍ لَيْسَ كَمَا قَالَ: وَلَكِنْ كَمَا قُلْت: أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ فِيهِ إلَى فِي لاَ أَقُولُ قَالَ فُلاَنٌ وَفُلاَنٌ خَمْسُ صَلَوَاتٍ افْتَرَضَهُنَّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ مَنْ لَقِيَهُ وَلَمْ يُضَيِّعْهُنَّ اسْتِخْفَافًا بِحَقِّهِنَّ لَقِيَهُ وَسَقَطَ مَا بَقِيَ مِنْ الْكَلاَمِ فِي ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مَذْكُورٌ فِي حَدِيثَيْ مَالِكٍ وَاللَّيْثِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ إلَى مَا فِيهِ مِنْ قَوْلِهِ وَلاَ عَهْدَ لَهُ إنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَالْمُخْدَجِيُّ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ اسْمُهُ رُفَيْعٌ فِيمَا ذَكَرَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَأَبُو مُحَمَّدٍ الْمَذْكُورُ فِيهِ اسْمُهُ سَعْدُ بْنُ أَوْسٍ فَكَانَ فِيمَا رَوَيْنَاهُ فِي هَذَا مِنْ أَحَادِيثِ يَحْيَى وَعَبْدِ رَبِّهِ ابْنَيْ سَعِيدٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ رُجُوعُ هَذَا الْحَدِيثِ إلَى ابْنِ مُحَيْرِيزٍ عَنْ الْمُخْدَجِيِّ عَنْ عُبَادَةَ. وَقَدْ خَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ عُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَجْلاَنَ فَرَوَيَاهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ عَنْ عُبَادَةَ بِغَيْرِ إدْخَالٍ مِنْهُمَا الْمُخْدَجِيَّ بَيْنَ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ وَبَيْنَ عُبَادَةَ. وَكَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَزِيزٍ الأَيْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سَلاَمَةُ بْنُ رَوْحِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ عُقَيْلِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ مُحَيْرِيزٍ حَدَّثَهُ أَنَّ رَجُلاً تَمَارَى هُوَ وَرَجُلٌ مِنْ الأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي الْوِتْرِ فَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هُوَ بِمَنْزِلَةِ الصَّلاَةِ وَقَالَ الرَّجُلُ الآخَرُ: مِنْ السُّنَّةِ لاَ يَنْبَغِي تَرْكُهَا وَلَيْسَ بِمَنْزِلَةِ الْفَرِيضَةِ قَالَ: فَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ الأَنْصَارِيَّ, وَأَخْبَرْتُهُ بِمَا قُلْنَا كُلُّنَا قَالَ: وَكَانَ رَجُلاً فِيهِ حِدَةٌ فَقَالَ كَذَبَ أَبُو مُحَمَّدٍ مِرَارًا قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَى عِبَادِهِ خَمْسَ صَلَوَاتٍ مَنْ جَاءَهُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَمْ يُضَيِّعْ مِنْهُنَّ شَيْئًا اسْتِخْفَافًا بِحَقِّهِنَّ لَقِيَهُ وَلَهُ عَلَيْهِ عَهْدٌ يُدْخِلُهُ بِهِ الْجَنَّةَ وَمَنْ أَضَاعَ مِنْهُنَّ شَيْئًا لَقِيَهُ وَلاَ عَهْدَ لَهُ عِنْدَهُ إنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ أَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ. وَكَمَا حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ غُلَيْبٍ الأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُكَيْر قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْعَجْلاَنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ قَالَ: ذَكَرَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يُقَالُ لَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْوِتْرَ فَقَالَ: إنَّهُ وَاجِبٌ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ فَقَالَ كَذَبَ أَبُو مُحَمَّدٍ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ خَمْسُ صَلَوَاتٍ ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ عَلَى مِثْلِ مَا فِي حَدِيثَيْ مَالِكٍ وَاللَّيْثِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا فِي هَذَا الْبَابِ. وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْمَعْنَى عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ الأَنْصَارِيِّ عَنْهُ أَيْضًا كَمَا حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ النُّعْمَانِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ الأَنْصَارِيُّ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ كَعْبٍ قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ فِي الْمَسْجِدِ سَبْعَةٌ مِنَّا ثَلاَثَةٌ مِنْ عَرَبِنَا وَأَرْبَعَةٌ مِنْ مَوَالِينَا فَقَالَ مَا يُجْلِسُكُمْ هُنَا؟ قُلْنَا الصَّلاَةُ قَالَ: فَنَكَتَ بِأُصْبُعِهِ فِي الأَرْضِ ثُمَّ نَكَسَ سَاعَةً ثُمَّ رَفَعَ إلَيْنَا رَأْسَهُ فَقَالَ: تَدْرُونَ مَا يَقُولُ رَبُّكُمْ؟ قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ: إنَّهُ يَقُولُ مَنْ صَلَّى الصَّلاَةَ لِوَقْتِهَا وَأَقَامَ حَدَّهَا كَانَ لَهُ بِهِ عَلَى اللهِ عَهْدٌ إذَا جَاءَهُ الْجَنَّةُ وَمَنْ لَمْ يُقِمْ الصَّلاَةَ لِوَقْتِهَا وَلَمْ يُقِمْ حَدَّهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ بِهِ عِنْدِي عَهْدٌ إنْ شِئْتُ أَدْخَلْتُهُ النَّارَ وَإِنْ شِئْت أَدْخَلْتُهُ الْجَنَّةَ. وَكَمَا حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ يَعْنِي ابْنَ مِغْوَلٍ عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ كَعْبٍ قَالَ: خَرَجَ إلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ وَنَحْنُ فِي الْمَسْجِدِ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَكَانَ فِي حَدِيثِ عُبَادَةَ أَنَّ مَنْ لَمْ يَأْتِ بِهِنَّ يَعْنِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ وَفِي حَدِيثِ كَعْبٍ مَنْ لَمْ يُقِمْ الصَّلاَةَ لِوَقْتِهَا وَلَمْ يُقِمْ حَدَّهَا ثُمَّ فِي حَدِيثَيْهِمَا جَمِيعًا لَمْ يَكُنْ لَهُ عِنْدَ اللهِ عَهْدٌ, إنْ شَاءَ عَذَّبَهُ فِي حَدِيثِ عُبَادَةَ, وَفِي حَدِيثِ كَعْبٍ: أَدْخَلَهُ النَّارَ وَفِي حَدِيثَيْهِمَا جَمِيعًا: وَإِنْ شَاءَ أَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ فَكَانَ فِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّهُ لَمْ يُخْرِجْهُ بِذَلِكَ مِنْ الإِسْلاَمِ فَيَجْعَلُهُ مُرْتَدًّا مُشْرِكًا; لأَنَّ اللَّهَ، عَزَّ وَجَلَّ، لاَ يُدْخِلُ الْجَنَّةَ مَنْ أَشْرَكَ بِهِ لقوله تعالى فَقَالَ قَائِلٌ: كَيْفَ تَقْبَلُونَ هَذَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنْتُمْ تَرْوُونَ عَنْهُ فَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُؤَمَّلُ بْنُ إسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ الْكُفْرِ أَوْ قَالَ: الشِّرْكِ تَرْكُ الصَّلاَةِ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُؤَمَّلُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَأَصْلُ الْحَدِيثِ بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ الْكُفْرِ حَدَّثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ قَالَ: حَدَّثَنِي جَابِرٌ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلاَةِ. وَكَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَبِيعَةَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ. فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ الْكُفْرَ الْمَذْكُورَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ خِلاَفُ الْكُفْرِ بِاَللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ، وَإِنَّمَا هُوَ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ أَنَّهُ يُغَطِّي إيمَانَ تَارِكِ الصَّلاَةِ وَيُغَيِّبُهُ حَتَّى يَصِيرَ غَالِبًا عَلَيْهِ مُغَطِّيًا لَهُ وَمِنْ ذَلِكَ قِيلَ مَا ذَكَرَهُ لَبِيدٌ يَعْلُو طَرِيقَةَ مَتْنِهَا مُتَوَتِّرًا فِي لَيْلَةٍ كَفَرَ النُّجُومَ غَمَامُهَا يَعْنِي: غَطَّى النُّجُومَ غَمَامُهَا, وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ اللهِ، عَزَّ وَجَلَّ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيثِ كُسُوفِ الشَّمْسِ كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ وَرَأَيْتُ أَوْ أُرِيتُ النَّارَ وَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ قَالُوا: لِمَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: بِكُفْرِهِنَّ قِيلَ أَيَكْفُرْنَ بِاَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ؟ قَالَ يَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ وَيَكْفُرْنَ الإِحْسَانَ فَسَمَّى مَا يَكُونُ مِنْهُنَّ مِمَّا يُغَطِّينَ بِهِ الإِحْسَانَ كُفْرًا وَمِنْ ذَلِكَ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ بِإِسْنَادِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا مِنْ كِتَابِنَا هَذَا, وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَلَى الْكُفْرِ بِاَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَكِنَّهُ مَا قَدْ رَكِبَ إيمَانَهُ وَغَطَّاهُ مِنْ قَبِيحِ فِعْلِهِ وَمِثْلُ ذَلِكَ قَوْلُهُ لَيْسَ بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ الْكُفْرِ إِلاَّ تَرْكُ الصَّلاَةِ هُوَ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ حَتَّى تَصِحَّ هَذِهِ الآثَارُ وَلاَ تَخْتَلِفُ. وَقَدْ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي تَارِكِ الصَّلاَةِ كَمَا ذَكَرْنَا فَجَعَلَهُ بَعْضُهُمْ بِذَلِكَ مُرْتَدًّا عَنْ الإِسْلاَمِ وَجَعَلَ حُكْمَهُ حُكْمَ مَنْ يُسْتَتَابُ فِي ذَلِكَ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ مِنْهُمْ الشَّافِعِيُّ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَجْعَلْهُ بِذَلِكَ مُرْتَدًّا وَجَعَلَهُ مِنْ فَاسِقِي الْمُسْلِمِينَ وَأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْهُمْ وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ رحمه الله وَأَصْحَابُهُ رضوان الله عليهم وَكَانَ هَذَا الْقَوْلُ أَوْلَى عِنْدَنَا بِالْقِيَاسِ; لأَنَّا قَدْ وَجَدْنَا لِلَّهِ، تَعَالَى، فَرَائِضَ عَلَى عِبَادِهِ فِي أَوْقَاتٍ خَوَاصٍّ مِنْهَا الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَمِنْهَا صِيَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ وَكَانَ مَنْ تَرَكَ صَوْمَ شَهْرِ رَمَضَانَ مُتَعَمِّدًا بِغَيْرِ جَحْدٍ لِفَرْضِهِ عَلَيْهِ لاَ يَكُونُ بِذَلِكَ كَافِرًا وَلاَ عَنْ الإِسْلاَمِ مُرْتَدًّا فَكَانَ مِثْلَهُ تَارِكُ الصَّلاَةِ حَتَّى يَخْرُجَ وَقْتُهَا لاَ عَلَى الْجُحُودِ بِهَا وَلاَ عَلَى كُفْرٍ بِهَا لاَ يَكُونُ بِذَلِكَ مُرْتَدًّا وَلاَ عَنْ الإِسْلاَمِ خَارِجًا وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّا نَأْمُرُهُ أَنْ يُصَلِّيَ وَلاَ نَأْمُرُ كَافِرًا بِالصَّلاَةِ وَلَوْ كَانَ بِمَا كَانَ مِنْهُ كَافِرًا لاََمَرْنَاهُ بِالإِسْلاَمِ فَإِذَا أَسْلَمَ أَمَرْنَاهُ بِالصَّلاَةِ وَفِي تَرْكِنَا لِذَلِكَ وَأَمْرِنَا إيَّاهُ بِالصَّلاَةِ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الصَّلاَةِ وَمِنْ ذَلِكَ أَمْرُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الَّذِي أَفْطَرَ فِي يَوْمٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ مُتَعَمِّدًا بِالْكَفَّارَةِ الَّتِي أَمَرَهُ بِهَا فِيهِ وَفِيهَا الصِّيَامُ وَلاَ يَكُونُ الصِّيَامُ إِلاَّ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَلَمَّا كَانَ الرَّجُلُ يَكُونُ مُسْلِمًا إذَا أَقَرَّ بِالإِسْلاَمِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ بِمَا يُوجِبُهُ عَلَيْهِ الإِسْلاَمُ مِنْ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَمِنْ صِيَامِ رَمَضَانَ كَانَ كَذَلِكَ يَكُونُ كَافِرًا بِجُحُودِهِ لِذَلِكَ وَلاَ يَكُونُ كَافِرًا بِتَرْكِهِ إيَّاهُ بِغَيْرِ جُحُودٍ مِنْهُ لَهُ وَلاَ يَكُونُ كَافِرًا إِلاَّ مِنْ حَيْثُ كَانَ مُسْلِمًا, وَإِسْلاَمُهُ كَانَ بِإِقْرَارِهِ بِالإِسْلاَمِ وَكَذَلِكَ رِدَّتُهُ لاَ تَكُونُ إِلاَّ بِجُحُودِهِ الإِسْلاَمَ وَاَللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ. حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمِّي عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ عَنْ كَعْبِ بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ عِيسَى بْنِ هِلاَلٍ الصَّدَفِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: ذَكَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الصَّلاَةَ يَوْمًا فَقَالَ مَنْ حَافَظَ عَلَيْهَا كَانَتْ لَهُ نُورًا وَبُرْهَانًا وَنَجَاةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمَنْ لَمْ يُحَافِظْ عَلَيْهَا لَمْ تَكُنْ لَهُ نُورًا وَلاَ بُرْهَانًا وَلاَ نَجَاةً وَكَانَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ فِرْعَوْنَ وَقَارُونَ وَهَامَانَ وَأُبَيٍّ صَاحِبِ الْعِظَامِ. وَحَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَنْصَارِيُّ وَبَكْرُ بْنُ إدْرِيسَ الأَزْدِيُّ قَالاَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ عَنْ كَعْبِ بْنِ عَلْقَمَةَ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ فَقَالَ قَائِلٌ: فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ تَارِكَ الصَّلاَةِ بِغَيْرِ جُحُودِ ذُكِرَ مِنْهُ لَهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ مَنْ ذُكِرَ مِنْ الْقَوْمِ الَّذِينَ هُمْ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّهُ كَافِرٌ بِتَرْكِهِ الصَّلَوَاتِ كَكُفْرِهِمْ بِمَا كَانُوا بِهِ كَافِرِينَ. فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ الأَمْرَ فِي ذَلِكَ لَيْسَ كَمَا تَوَهَّمَ; لأَنَّ اللَّهَ، عَزَّ وَجَلَّ، يَجْمَعُ فِي جَهَنَّمَ مَنْ ذَكَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَمَنْ سِوَاهُمْ مِنْ الْمُنَافِقِينَ, وَمَنْ سِوَاهُمْ مِنْ أَهْلِ الإِسْلاَمِ الْمُضَيِّعِينَ لِفَرَائِضِهِ عَلَيْهِمْ الْمُنْتَهِكِينَ لِحُرْمَتِهِ عَلَيْهِمْ الآكِلِينَ لأَمْوَالِ الْيَتَامَى بِقَوْلِهِ، عَزَّ وَجَلَّ، وَمِنْهُمْ مَنْ سِوَاهُمْ مِمَّنْ ذَكَرَهُ فِي كِتَابِهِ وَعَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم فَكَانَ بَعْضُهُمْ مَعَ بَعْضٍ فِي جَهَنَّمَ نَاسًا مُخْتَلِفَةً فَمِنْهُمْ كَافِرُونَ وَمِنْهُمْ مُسْلِمُونَ وَجَمَعَتْهُمْ جَمِيعًا دَارُ عَذَابِهِ فِيمَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ كُفْرٍ وَمِنْ تَضْيِيعِ إسْلاَمٍ وَمِنْ نِفَاقٍ, وَاَللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ.
|